انواع السحر

الوسواس القهري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:‏ فإن الوسواس القهري مرض يعتري

الشخص ، يأتي له بصورة أفعال وأفكار تتسلط على

‏المريض وتضطره لتكرارها ، وإذا لم يكرر الفعل أو يتسلسل

مع الفكرة يشعر المريض بتوتر ‏‏، ولا يزول هذا التوتر إلا إذا

كرر الفعل ، وتسلسل مع الفكرة . وبعد أن يتطاوع الوسواس

يعاوده ‏الدافع للفعل ثانية . ولا يزول المرض بهذا بل يتمكن

منه .‏ ‏ فهو إذاً المبالغة الخارجة عن الاعتدال ، فقد يفعل

الأمر – مكرراً له – حتى يفوت المقصد منه ، مثل أن ‏يعيد

الوضوء مراراً حتى تفوته الصلاة ،أو يكرر آية، أو نحو ذلك

حتى يسبقه الإمام بركن أو أكثر ، ‏وقد يتمكن منه الوسواس

فيترك العمل بالكلية ، وهذا هو المقصد الأساس من تلك

الوسوسة.‏ ‏ الشيطان له الدور الأكبر في الوسوسة، فعن

ابن عباس رضي عنهما أن رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم

” قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا

رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه- ‏يعرِّضُ بالشيء – لأن

يكون حممة أحب من أن يتكلم به فقال : الله أكبر الله أكبر

الله أكبر ، الحمد ‏لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ” رواه أحمد

وأبو داود. وقد يكون لعوامل أُخَر دور في إصابة المرء

‏بالوسوسة كعامل نفسي أو تربو ي أو شيء حدث أو موقف

كان له أثر قوي في نفسه من أمر ‏ما. ( وفي مثل هذه

الحالة يعرض الشخص المريض على طبيب نفسي (

مسلم).‏ ولتغلب العبد على الوسواس الذي يصيبه في

عبادته و أفكاره عليه أن يصدق في الالتجاء إلى الله ‏تعالى :

ويلهج بالدعاء والذكر ليكشف عنه الضر ويدفع عنه البلاء ،

وليطمن قلبه .‏ ‏ قال تعالى ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه

ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما

‏تذكرون). [ النمل: ]‏ وقال تعالى 🙁 الذين آمنوا وتطمئن

قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) [الرعد : ] ومما

‏يندفع به الوسواس الاستغفار، فعن ابن مسعود رضي الله

عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم :” إن

للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة ، فأما لمة الشطيان

فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، ‏وأما لمة الملك فإيعاد بالخير

وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد

الله، ومن ‏وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم

قرأ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمر كم بالفحشاء) ” ‏رواه

الترمذي . وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله : إن

الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي ‏وقراءتي يلبسها علي ‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” ذاك شيطان يقال

له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، ‏واتفل عن يسارك

ثلاثاً. قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني “رواه مسلم .‏

وغرض الشيطان من تلك الوسوسة – كما بينها حديث عثمان

– أن يلبس على العبد صلاته ‏ويفسدها عليه، وأن يحول

بينه وبين ربه، فيندفع هذا الكيد بالاستغفار والاستعاذة .‏ ‏

قال ابن القيم : ” ولما كان الشيطان على نوعين : نوع يرى

عياناً وهو شيطان الإنس، ونوع لا يرى ‏وهو شيطان الجن،

أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكتفي

من شر شيطان الإنس ‏بالإعراض عنه والعفو والدفع بالتي

هي أحسن، ومن شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه ” أ.هـ

قال تعالى‎)‎وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه

سميع عليم ) [ الأعراف : 200) قال ابن ‏كثير في تفسيره :

فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة

بخالقه الذي سلطه ‏عليك، فإذا استعذت بالله والتجأت إليه

كفه عنك ورد كيده ) اهـ ‏ ومن الأمور النافعة- كذلك في علاج

الوسوسة استحضار القلب والانتباه عند الفعل وتدبر ما ‏هو

فيه من فعل أو قول ، فإنه إذا وثق من فعله وانتبه إلى قوله

وعلم أن ما قام به هو المطلوب منه ‏كان ذلك داعياً إلى عدم

مجاراة الوسواس ، وإن عرض له فلا يسترسل معه لأنه

على يقين من أمره ‏ومن ذلك في الوضوء مثلاً: أن يتوضأ من

إناء فيه قدر ما يكفي للوضوء بلا زيادة، ويجاهد نفسه أن

‏يكتفي به، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ

بأقل منه . وفي باب التطهر من النجاسة ‏‏يحاول رش المحل

الذي يعرض له فيه الوسواس بالماء، ويقنع نفسه أن ما

يجده من بلل هو من أثر ‏الماء لا من البول. وفي الصلاة

يجتهد في متابعة الإمام ، حتى ولو خيل إليه أنه لم يأت

بالذكر المطلوب ‏‏، وإذ قرأ الإمام ينصت له، ويقرأ معه الفاتحة

إن كان ممن يرى وجوب قراءتها على المأموم في الصلاة

‏الجهرية‎…‎‏. وهكذا يحاول اتخاذ حلول عملية، يدرب نفسه عليها شيئاً فشيئاً. والله أعلم، وهو ‏الكاشف لكل ضر والرافع لكل بلوى.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى