انواع السحر

هل تسخير الجن من باب الكرامة..؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه

أما بعد:‏ فلا يجوز الاستعانة بالجن ولو في أمور يظهر أنها من

أعمال الخير، لأن الاستعانة بهم ‏تؤدي إلى مفاسد كثيرة،

ولأنهم من الأمور الغيبية التي يصعب على الإنسان فيها

الحكم ‏عليهم بالإسلام، أو الكفر، أو الصلاح، أو النفاق، لأن

الحكم بذلك يكون بناء على ‏معرفة تامة بخلقهم ودينهم

والتزامهم وتقواهم وهذا لا يمكن الاستيثاق منه لانعدام

مقاييس ‏تحديد الصادقين والكاذبين منهم بالنسبة إلينا.‏ ولم

يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين،

ولا الصحابة ولا التابعين، ‏أنهم فعلوا ذلك، أو استعانوا بهم، أو

لجؤوا إليهم في حاجاتهم.‏ ومع انتشار الجهل في عصرنا وقلة

العلم قد يقع الإنسان في الشعوذة والسحر، بحجة ‏الاستعانة

بالجن في أعمال الخير، وقد يقع في مكرهم وخداعهم وهو لا

يشعر، إلى ما في ‏ذلك من فتنة لعامة الناس، مما قد يجعلهم ينحرفون وراء السحرة والمشعوذين بحجة ‏الاستعانة بالجن في أعمال الخير. وما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه من أن ‏استخدامهم في المباح والخير جائز كاستخدام الإنس في ذلك، فإنه في آخر كلامه ذكر أن ‏من لم يكن لديه علم تام بالشريعة قد يغتر بهم ويمكرون به. قال ابن مفلح في الآداب ‏الشرعية:” قال أحمد في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى ‏والعزائم، أو يزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم، ومنهم من يخدمه. قال: ما أحب لأحد أن ‏يفعله، تركه أحب إلي” والكرامات جمع كرامة وهي الأمر الخارق للعادة، يظهره الله على يد عبد صالح، ومتبع ‏للسنة. والتصديق بكرامات أولياء الله الصالحين، وما يجريه الله تعالى على أيدهم من ‏خوارق العادات، من أصول أهل السنة والجماعة.‏ وقد حصل من ذلك الشيء الكثير، فقد أثبت القرآن الكريم والسنة النبوية وقوع جملة ‏منها، ووردت الأخبار المأثورة عن كرامات الصحابة والتابعين، ثم من بعدهم.‏ ومن أمثلة هذه الكرامات قصة أصحاب الكهف، وقصة مريم ووجود الرزق عندها في ‏محرابها دون أن يأتيها بشر، وهما مذكورتان في القرآن الكريم.‏ وقصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا ربهم وتوسلوا إليه ‏بصالح أعمالهم، فانفرجت عنهم. والقصة في الصحيحين. وقصة عابد بني إسرائيل جريح ‏لما اتهم بالزنا فتكلم صبي رضيع ببراءته. وهي في صحيح البخاري.‏ ووجود العنب عند خبيب بن عدي الأنصاري رضي الله عنه حين أسرته قريش، وليس ‏بمكة يومئذ عنب. وهي في البخاري. وغيرها من الكرامات.‏ ولكن مما ينبغي التنبه له: أن المسلم الحق لا يحرص على الكرامة، وإنما يحرص على ‏الاستقامة. وأيضاً فإن صلاح الإنسان ليس مقروناً بظهور الخوارق له، لأنه قد تظهر ‏الخوارق لأهل الكفر والفجور من باب الاستدراج، مثل ما يحدث للدجال من خوارق ‏عظام.‏ فالكرامة ليست دليل على الاستقامة، وإنما التزام الشخص بكتاب الله وسنة رسوله هو ‏الدليل على استقامته.‏ وأما من يدعي تسخير الجن له من باب الكرامة فليست دعواه صحيحة، لأن الكرامة لا ‏تأتي للإنسان يريدها، وإنما هي تفضل من الله على أوليائه، قد يطلبونها فتحصل، وقد ‏يطلبونها فتتخلف، وعلينا أن ننظر إلى حال الشخص للحكم عليه لا إلى كراماته.‏ والله أعلم.‏ ‏ ‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى